أهمية الأسرة اجتماعيًا وتربويًا وأنواعها

الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع، حيث تجتمع أفرادها لتشكل بيئة تربوية واجتماعية تؤثر بشكل كبير على تكوين الأفراد وتطويرهم الشخصي والاجتماعي، تتكون عادة من الوالدين والأطفال، وتمثل مصدر الرعاية والحب والدعم الأول لأفرادها، فهي مؤسسة مهمة لتنمية القيم والعادات وتوجيه السلوكيات الاجتماعية وتلعب دورًا حيويًا في بناء الهوية الفردية والتماسك الاجتماعي. عادة ما يختلف الهيكل الأسري وأدوار الأفراد من ثقافة إلى أخرى، وتتغير مع تطور المجتمعات والتحولات الاجتماعية.

مفهوم الأسرة

الأسرة Family هي رابطة اجتماعية تجمع بين شخصين أو أكثر قائمين على الحب والتعاون والمودة، من خلال الزواج، تبدأ بالزواج ثم إنجاب الأطفال، ويهتم الوالدين برعاية أفراد الأسرة من أبناء وبنات وتوفير حاجتهم المختلفة. كلمة أسرة تعني في اللغة أهل الرّجل وعشيرته أي أفراد أسرته، وتعرف أيضًا بأنها الدرع الحصينة.

مفهوم الأسرة من وجهة نظر العلماء

من منظور العلماء تعتبر الأسرة موضوعًا معقدًا يتنوع في تفاصيله وأبعاده، ويختلف مفهومها على حسب تغير وظائفها وأدوارها، ومن وجهة نظر العلماء في هذا المفهوم: 

• بوجاردوس: يرى أن الأسرة عبارة عن روابط وعادات تربط الوالدين وأطفالهما، ويقومون بتربية الأطفال بشكل إيجابي في مجتمعاتهم.
• وستر مارك: من وجهة نظره يرى أن الأسرة مجموعة من الأفراد التي تربطهم عوامل مادية ومعنوية ليشكلوا جزء صغير من المجتمع.
• ماكيفر: يعتبر أن الأسرة تبدأ بعلاقة مميزة وعزيزية بين الأب والأم، ثم تربطهم روابط معنوية مع أطفالهم.
• جيرالدليسي: هي عبارة عن مؤسسة اجتماعية لتنمية الإنسان. 

أهمية الأسرة اجتماعيًا وتربويًا

تحمل الأسرة دورًا بارزًا في النسيج الاجتماعي والتربوي، حيث تعد البيئة الأولى والأساسية التي ينمو فيها الفرد وتتطور شخصيته، وتتمثل أهميتها في النقاط التالية: 

• تعد المصدر الأول والرئيسي لتلقي التعليم، حيث يتعلم الأطفال القيم والسلوكيات والمهارات الأساسية من والديهم والتي تدفعه للتفاعل مع الآخرين.
• تشكيل شخصية الأبناء وبناء الهوية من خلال التوجيه الصحيح في المجتمع ونظرة الآخرين إليهم.
• توفير الدعم العاطفي الضروري لأفرادها مما يساعدهم على التعامل مع التحديات والضغوطات اليومية.
• تعتبر المصدر الوحيد لتزويد الطفل بالخبرة ونقل القيم والتقاليد الثقافية والاجتماعية مما يساعد في بناء هوية الأسرة وتماسكها عبر الأجيال.
• تعتبر نشأة الأسرة وتطورها البذرة الأساسية في بناء الحياة الاجتماعية.
• تمثل الإطار العام الذي يحدد تصرفات الأفراد وكيفية تطبيق العادات والتقاليد، فلكل أسرة خصائص ثقافية واجتماعية خاصة.

فوائد الأسرة في المجتمع الحديث

في ظل الضغوطات التي يواجهها العديد من الأفراد في المجتمع الحديث، يعتبر تكوين الأسرة العامل الأساسي للحياة الصحية والمتماسكة، وتتمثل فوائدها في التالي: 

• يمثل الشخص المسؤول عن الأسرة عن توفير كافة الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والمأوى، وتوفير عيشة صحية سليمة ومستدامة.
• تقديم الدعم والحب والانتماء لأفراد الأسرة مما يجعلها أسرة يسودها الحب والسكينة.
• يساعد الشخص الذي يؤول أسرته على توفير المال لهم لتلبية متطلباتهم المختلفة.
• تشجيع الأهالي على عيش نمط حياة صحي من خلال التمتع بأوقات جميلة مع أطفالهم وعيش ذكريات ممتلئة بالحب والأفعال التي لا تُنسى.
• توفير الرعاية الصحية للأبناء وتشجيعهم على ممارسة الرياضة والابتعاد عن العادات السيئة.
• تقديم الدعم اللازم عند المرض وإحضار الدواء وتوفير الدعم العاطفي اللازم

عوامل تماسك الأسرة الناجحة

يتمثل تماسك ونجاح الأسرة في قدرتها على تحقيق التوازن والانسجام بين أفرادها وبناء علاقات صحية ومستدامة، ومن أبرز العوامل التي تعبر عن هذا: 

1. الالتزام: تقديم الحقوق والواجبات المفروضة على كل فرد داخل أفراد الأسرة.
2. التواصل الفعال: الشعور بالرضا وتقوية العلاقات بين الأبناء والوالدين لمواجهة ضغوط الحياة.
3. الدعم: مواجهة الضغوط النفسية وتجنب المشاكل ومواجهة الصعاب والتحديات دون تحميل الآخرين المسؤولية.
4. العاطفة: إظهار التقدير والمحبة بين أفراد الأسرة يخفف من روتين وضغوطات الحياة.
5. المشاركة: قضاء وقت ممتع مع الأطفال لدعم المحبة والشعور القوي بالانتماء والارتباط الجماعي.
6. تقبل الاختلاف: فكل شخص يختلف متطلباته ومعتقداته عن الأخر، فيمكن للأسر تقبل هذه الفروق بين أفرادها وإعطاء كل شخص مساحته الخاصة.

أنواع هياكل الأسرة

تتنوع هياكل الأسرة بشكل كبير حول العالم حيث تعكس تلك الاختلافات الثقافية والاجتماعية المختلفة، وهي ما يأتي: 

1. الأسرة النووية Nuclear Family

هي أحد أنواع الأسرة المثالية التي تتكون من أب وأم والأطفال، ويجتمعون على الحب والتعاون، وتقديم الدعم اللازم لأبنائهم وتوفير الاحتياجات المختلفة لهم، ومساعدة الوالدين في عيش الاستقرار المالي والاجتماعي في جو مستقر، وتركز الأسرة النووية على توفير كل الدعم والاهتمام لأطفالها.

2. الأسرة ذات ولي أمر واحد Single Parent Family

تتكون هذه الأسرة من ولي أمر واحد يهتم بالأطفال ويقدم لهم الدعم وتوفير الاحتياجات اللازمة، يتم تقديم المساعدة لهم من قبل الأقارب والأصدقاء، من ضمن الأسر التي تتميز بقوة العلاقات ومرونتها، تعتمد على مصدر دخل واحد بسبب عدم وجود أحد الوالدين، وعادة ما يعاني الأطفال من عدم إشباع حاجات الأمومة أو الأبوة بسبب استقرارهم عند أحد الوالدين. 

3. الأسرة الممتدة Extended Family

تتكون هذه الأسرة من أكثر من فرد بجانب الأب والأم والأطفال، مثل الأعمام، أو الأجداد، أو الخالات الذين ليس لديهم مأوى يعيشون به، فيضطرون للعيش سويًا في مكان واحد، ويتم رعايتهم والاهتمام بهم والتعاون القائم بين جميع أفرادها في رعاية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية. على الرغم من قدر الحب والتعاون البارز في هذه الأسرة إلا أنها تعاني من المشاكل المالية بسبب إعالة الوالدين للعديد من الأفراد.

4. الأسرة الخالية من الأفراد Childless Family

تتكون هذه الأسرة من الزوج والزوجة فقط، بسبب عدم إنجابها للأطفال أما بسبب مرض ما أو بسبب اتخاذ قرار عدم الإنجاب، وعادة ما يهتم الزوجان بحياتهما وتكوين علاقات وثيقة بين الأخوة والأخوات، كما تتميز هذه الأسرة بالاستقرار المالي وتوفير النقود والاستقلالية والحرية، ولكن قد تتأثر ببعض العوامل النفسية بسبب عدم وجود أطفال.

5. الأسرة البديلة Step Family

تمثل الأسرة التي تتكون بعد حدوث طلاق بين الأب والأم، ويبدأن أحدهما بتأسيس حياة جديدة تتكون من الزوج والأطفال وزوجة جديدة، أو الزوجة والأطفال وزوج جديد، قد تواجه هذه الأسرة بعض المشاكل في البداية لعدم التكيف مع الوضع الجديد، ثم بداية التأقلم على هذا الوضع ورعاية الأطفال من الوالدين وتأسيس علاقات عائلية بين أفراد العائلة سواء أبناء الزوجة مع أبناء الزوج الجديد أو العكس.

التحديات الخاصة بتكوين الأسرة

تشهد عملية التكوين الأسري مجموعة من التحديات الفريدة التي تؤثر على استقرارها وتطورها عبر الزمن، ومن بين هذه التحديات:  

1. اختيار الشريك

يعتمد نجاح كل أسرة على اختيار الشريك الآخر والتأكد من التوافق في عدة عوامل من بينها العمر، الوضع الاجتماعي، الحالة الاقتصادية، الدين، العرق، والاحترام بين الطرفين فالزواج يمثل علاقة قائمة على الحب والمودة المتبادلة بين الطرفين.

2. قوة العلاقة الزوجية

تظهر العديد من الممارسات بين الزوجين التي تحافظ على قوة العلاقة الزوجية، ومن بينها الاحترام المتبادل، الحفاظ على الود بين الطرفين، تجنب المشاكل والخصومة الزائدة، التعبير عن الحب والمشاركة لتجنب الصعوبات.

3. التوازن بين الحياة العملية والشخصية

من أكثر التحديات التي تواجه التكوين الأسري فعادة ما تكون ضغوطات الحياة والعمل تجبر أحد الطرفين عن الانشغال عن الأخر وعدم تقديم الدعم اللازم وتلبية احتياجات الأسرة مع العمل، وهذا يتطلب تنظيمًا جيدًا للوقت والتفاهم المتبادل.

النتائج المترتبة على التفكك الأسري

التفكك الأسري هو خلل في الترابط الأسري والاستقرار والتوافق، يترتب عليه العديد من الآثار السلبية التي تؤثر على الأبناء، ومن بينها:

• فقدان الدعم العاطفي والاجتماعي الذي توفره الأسرة، مما يزيد من مستويات العزلة والضغط النفسي على الأفراد.
• تدهور العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، يؤثر على الثقة والتعاون ويزيد من الصراعات.
• عدم تطوير مهارات التفاعل الاجتماعي والتواصل الفعال، مما يؤثر على تكوين هويتهم الشخصية ونموهم النفسي.
• زيادة السلوكيات الانحرافية بين الشباب الذين يفتقدون التوجيه والرعاية من أسرتهم.

خصائص الأسرة

تتميز الأسرة بمجموعة من الخصائص التي تميزها كوحدة اجتماعية وتربوية، وتسهم في تحديد دورها ووظيفتها في المجتمع، وتتمثل في التالي:

• مصطلح الأسرة يعبر عن تحقيق غرائز الإنسان الطبيعية والاجتماعية من أجل استمرار الحياة.
• وحدة اقتصادية فمنذ القدم كان كل فرد يستهلك إنتاجية المزارع من دواجن ومواشي، أما الآن أصبح لكل شخص دور للمساهمة في التطور الاقتصادي، وأصبح للمرأة دور خارج منزلها.
• وحدة إحصائية فعند القيام بالمشاريع الإسكانية يتم الاعتماد على بيانات إحصائية بعدد السكان وعدد أفراد كل أسرة في منطقة محددة أو مستوى معيشة محدد.
• نظام يتفاعل فيه الأفراد داخل المجتمع ويتأثرون به ويؤثرون فيه.
• نظام مجتمعي يؤثر في أخلاق أفراده ونشأتهم وشخصياتهم وأخلاقهم بما يتوافق مع خصائص الأسرة التي ينتمون إليها.

دورات تدريبية في مجال الأسرة مقدمة من منصة لبيب

تقدم منصة لبيب مجموعة متنوعة من الدورات في مختلفة المجالات ومن بينها مجال الأسرة لتلبية احتياجات الأفراد وتعزيز مهاراتهم في هذا النطاق، ومن أبرز هذه الدورات: 

1. مهارات ما قبل الكلام للأطفال
2. ما بعد تحفيز طفلي على الكلام 
3. التربية الحوارية للمراهقين 
4. كيف احفز طفلي على الكلام 
5. الدورة الشاملة في تربية الأطفال 
6. العلاقة مع المراهق 
7. لغات الحب الخمس
8. فن ادارة الغضب عند الأطفال
9. كيف تتعاملين مع الخيانة الزوجية
10. تأثير التكنولوجيا عند الأطفال

الأسئلة الشائعة

ما هي الأسرة في الإسلام؟

تمثل الأسرة في الإسلام أهم ركائز المجتمع، وتعرف على أنها وحدة اجتماعية مكونة من زوج وزوجة وأولادهما، وتشكل اتحاد الأب والأم لتكوين أسرة ممتدة بسيطة، وتكمل جميع أركان الزواج الشرعي.

ما هو الفرق بين الأسرة والعائلة؟

يتمثل الفرق بين الأسرة والعائلة في عدة تفاصيل دقيقة، من حيث الحجم والعوامل، فالأسرة تتكون من مجموعة أفراد يعيشون في مكان واحد، أما العائلة تتكون من مجموعة من الأسر.

ما هي أركان الأسرة؟

تتمثل أركان الأسرة في التعارف، والتفاهم، والتكافل، وكل ما يخص الأب والأم من تحمل مسؤولية أبنائهم وهدوء الأسرة.

الخلاصة

في الختام، تطور مفهوم الأسرة عبر الزمن ولكنه يتضمن نفس الخصائص التي تعبر عن الحب والمودة والمشاركة بين الأفراد، وتقديم الدعم اللازم في وقت المرض والأوقات الصعبة، ومواجهة التحديات بالاحترام والتفاهم المتبادل، فهذه العوامل قد تؤدي للنجاح والازدهار في الحياة وبناء مجتمعات أقوى وأكثر استقرارًا وتفاهمًا على مر السنين.