تعتبر الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، حيث أنها أولى مراحل التربية التي يتلقاها الإنسان منذ نعومة أظافره، كما أنها أساس نجاح أي مجتمع حيث أن التربية السوية لأفراد الأسرة تعني وجود مجتمع سوي، كما يوجد العديد من القيم التي يحصل عليها الإنسان من خلال الأسرة والتي تساهم في خلق مجتمع تسوده روح العدل والتسامح وكذلك تعم فيه الأخلاق والروح الرياضة، بالإضافة إلى أن الأسرة لديها القدرة على التخلص من العنف الذي يصيب بعض المجتمعات من خلال النصح والإرشاد لأفراد الأسرة، وتشجيع التعاون ونبذ روح العداوة والبغضاء، كما تلعب التربية الإسلامية دور هام أيضا في حياة الأفراد حيث أنها تحث على العدل والمساواة بين الأشخاص بالإضافة إلى أنها تشجع على الحفاظ على الحقوق وعدم تجاوز الحدود مع الغير وهذه من أهم أهداف التربية.
ما هو المقصود بالتربية الأسرية؟
تعتبر الأسرة من أهم المراحل التربوية التي تمر في حياة الإنسان، حيث من خلالها يتم زرع القيم والأخلاق والسلوكيات الحميدة للأفراد، كما يكمن دور الأسرة في تقديم رعاية أخلاقية وتربوية شاملة ومتكاملة لأفراد الأسرة.
تعد الأسرة أحد الركائز الأساسية للمجتمع أي أنها وحدة بناء المجتمع، حيث يتم من خلال الأسرة تقديم النصائح والتعاليم التربوية السليمة التي تساهم في النهاية في استقرار أخلاقيات المجتمع، وبالتالي العيش في مجتمع يسوده المحبة والأمان، مما يساعد على تقدم المجتمع ككل.
هناك علاقة طردية بين نجاح واستقرار المجتمع ونجاح واستقرار الأسرة، كما أن التربية الأسرية تساهم في التخلص من الأخلاقيات السيئة والسلوكيات الخاطئة، بالإضافة إلى أنها تساعد في نشر الأخلاق الإسلامية والقيم التربوية الحميدة.
أساليب التربية الأسرية السليمة
تتعدد الأساليب التي تتبعها الأسرة في تربية الأبناء وجمعها في النهاية يؤدي إلى نتيجة واحدة، على الرغم من اختلاف أسس ومبادئ كل أسلوب من هذه الأساليب، وتتضمن هذه الأساليب ما يلي:
1. أسلوب التوجيه
يعتمد هذا الأسلوب على الحوار حيث يتم عمل نقاش طويل بين كل من رب الأسرة وأحد الأبناء، من خلال مناقشة السلوكيات الخاطئة، وهذا الأسلوب يعمق الثقة بين الأب والأبناء، بالإضافة إلى أنه يزيد التواصل الوجداني الذي يساهم في حدوث التوافق المعرفي بين طرفي الحوار بطريقة سلسة.
2. أسلوب التتبع والملاحظة
يعتبر هذا الأسلوب واحد من أهم أساليب التربية التي يجب اتباعها في الوقت الحاضر، وذلك نظرا للتقدم التكنولوجي الهائل، والانفتاح الذي نعيشه حاليا، حيث يعتمد هذا الأسلوب على ملاحظة تصرفات الأبناء وتتبع سلوكياتهم سواء داخل المنزل أو خارجه، وبناء على ما يتم ملاحظته يتم تحديد العقاب أو الثواب وكذلك التوجيه أيضا.
كما يتم قياس مدى التزام الأبناء بتوجيهات الوالدين في بعض المواقف، ومدى درجة الالتزام في تنفيذ الأوامر والتعليمات التي يتلقاها من والديه، وذلك من خلال الملاحظة، لذلك يجب على رب الأسرة أن يكون ملم جدا بجميع سلوكيات الابن داخل المنزل وخارجه.
3. أسلوب العقاب
يعني هذا الأسلوب الحزم في تربية الأبناء، حيث يجب أن يتنوع أسلوب التربية بين الحزم والود والشدة، لأن من آمن العقاب أساء الأدب.
كما يجب أيضا عدم المبالغة في العقاب الذي يؤدي إلى مشاكل نفسية لدى الابن في المستقبل، ولكن من خلال إدراك رب الأسرة لشخصية الابن، يستطيع أن يحدد له العقاب المناسب بدون إحداث أي أضرار نفسية أو جسدية.
4. أسلوب القدوة
القدوة هي أسلوب رائع لتربية الأبناء تربية سوية، حيث يعتبر الوالدين هم القدوة الأولى في حياة الطفل. كما يتعمد الأبناء تقليد الآباء في جميع السلوكيات، فعلى سبيل المثال يستطيع الابن تعلم الصلاة من خلال رؤية الوالدين. لكن عندما يكون الأب من المدخنين ثم يبدأ بشرح أضرار التدخين، ومدى بشاعة هذا التصرف للابن، فهنا يحدث تناقض كبير حيث أن الأب يمنع الابن من سلوك معين هو غير ملتزم به. فلابد أن يكون كلا الوالدين قدوة لابنائهم لأنها من أبرز أساليب التربية التي أثبتت نجاحا على مر العصور.
عوامل تؤثر في تربية الأسرة
هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في نوع أو أسلوب التربية التي تقدمها الأسرة للأبناء، وهي على النحو التالي:
المستوى التعليمي للوالدين
- تؤثر الدرجة العلمية الخاصة بالوالدين جدا في تربية الأبناء، حيث يتم تحديد المستوى الثقافي للأسر من خلالها.
- كما أن الطموح يتشكل بناء على المستوى الثقافي والتعليمي للأبوين، مما ينعكس على الأبناء في النهاية.
- هذا بالإضافة إلى أن نمو الفرد في أسرة لديها وعي ثقافي ومعرفي عالي يساعد في خلق روح من والمثابرة والعزم على الوصول إلى مراكز متقدمة، وهذا يعود بالنفع على الفرد والأسرة وكذلك المجتمع.
عمر الوالدين
- يؤثر عمر الوالدين في تربية الأبناء حيث أن الفارق الزمني الكبير يعتبر من الفجوات التي تعيق عملية التربية.
- مما يعيق عملية التفاهم بين الوالدين والأبناء وذلك لفارق الزمن والأجيال والظروف وهكذا.
- فكلما كان فارق العمر مناسب بين الآباء والأبناء يزداد معدل التفاهم والترابط الأسري.
الوضع الصحي
- تلعب الصحة سواء النفسية أو الجسدية دور مؤثر جدا في تربية الأبناء، حيث أن معاناة أحد الوالدين من مشكلة نفسية قد يؤثر بشكل كبير جدا على الأبناء.
- ذلك بسبب الرغبة في تعويض أحد نقاط الضعف أو النقص لديه في أحد أبناءه، فهنا تكون مشكلة كبيرة تعيق التربية السليمة.
- هذا بالإضافة إلى أن وجود بعض الإعاقات قد يؤدي إلى وجود صعوبة شديدة في تربية الأبناء، مما يؤدي إلى الاتجاه نحو أسلوب خطأ جدا في التربية.
أهداف التربية الأسرية
يوجد العديد من الأهداف التي ترغب الأسرة والمجتمع في الوصول إليها من خلال تربية الأبناء تربية سليمة، وهي على النحو التالي:
- خلق مجتمع مترابط، حيث أن كل أسرة مترابطة تساهم في خلق مجتمع مترابط يحكمه الشرع والعرف والعادات والتقاليد السليمة.
- القضاء على الأمراض النفسية والجسدية التي قد تصيب المجتمع، بسبب انعدام التربية الأسرية.
- زيادة روح الانتماء للجماعة، حيث أن ذلك يخلق مجتمع لديه مناخ صحي، يتميز بالترابط والتسامح والمحبة بين أفراده.
- خلق أفراد مخلصين في عبادة الله عز وجل واتباع تعاليم الإسلام الذي يدعو للعزة والتسامح والتصالح مع النفس والآخرين.
- كما يعد الهدف الأسمى هو الحفاظ على الأسرة وترابطها واحترام الوالدين، ونبذ روح العداوة والتخلص من العادات والسلوكيات الخاطئة.
أسس التربية الأسرية
هناك مجموعة من الأسس التي يجب الالتزام بها أثناء استخدام الأسرة حقها في تربية الطفل من أجل تنشئة جيل سوي نفسيا واخلاقيا، وهي على النحو التالي:
تنمية الشخصية
يجب التركيز على تنمية شخصية الطفل ذاته وعدم توجيه الطفل إلى التقليد الأعمى، حيث يجب تشجيع الطفل على اتخاذ بعض القرارات التي يستطيع أن يتحمل نتائجها.
مساعدة الطفل على خلق شخصية مستقلة تستطيع أن تنفصل عن الأسرة ذات يوم دون أن تتأثر بهذا القرار، حيث تشجع الطفل على الاعتماد على النفس، وعدم توجيه الانتقادات أو التوبيخ له، عند قيام الطفل بأحد القرارات الخاطئة.
كما يجب أن يضمن الوالدين فكرة تكافؤ الفرص بين الأبناء وعدم تفضيل أحدهما على الآخر، لأن هذا الأمر يحمل بين طياته عواقب نفسية قاسية للأفراد في المستقبل.
هذا بالإضافة إلى اتخاذ جانب محايد تجاه الطفل، وعدم الإفراط في العقاب أو التدليل، أي يعامل بشدة وحزم عند الخطأ، بالإضافة إلى تقديم الثناء والمدح عند التفوق أو القيام بأحد السلوكيات الحميدة.
كما يجب إعطاء الطفل مهام تتطابق مع قدراته والمرحلة العمرية التي يمر بها، وعدم توجيه أي نوع من الضغط على الطفل لكي يستطيع اتخاذ القرارات الصائبة.
التربية الخلقية
يتضمن هذا البند السعي وراء تربية جيل يحمل من الأخلاق والقيم ما يكفي لبناء مجتمع ذو اخلاق عالية وعزيمة قوية، بالإضافة إلى أحياء ضمير الطفل حيث أنه الأداة التي توجه في المستقبل نحو ما يجب أن يفعل وما لا يجب أن يفعل. خلق شخصية لديها توازن في كل شئ، من حيث العاطفة والعقل والمشاعر والعواطف. توفير مساحة كافية للطفل للتعبير عن رأيه دون خوف أو إزعاج من أحد، وبدون تلقي أي لوم أو عتاب على وجهة نظره.
دورات تدريبية في مجال التربية والأسرة مقدمة من منصة لبيب
تقدم منصة لبيب باقة متنوعة من الدورات التدريبية المفيدة في مجال التربية والأسرة، وهي على النحو التالي:
- مهارات ما قبل الكلام للأطفال.
- ما بعد تحفيز طفلي على الكلام.
- التربية والحوار للمراهقين.
- كيف احفر طفلي على الكلام.
- الدورة الشاملة في تربية الأطفال.
- العلاقة مع المراهق.
- لغات الحب الخمسة.
- فن إدراك الغضب عند الأطفال.
- كيف تتعاملين مع الخيانة الزوجية.
- تأثير التكنولوجيا على الأطفال.
الأسئلة الشائعة
ما هي أهم المفاهيم الهامة في التربية الأسرية؟
الثواب والعقاب، بالإضافة إلى القدوة الحسنة، النقاش المثمر بالإضافة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الحفاظ على أسرار الأسرة.
ما هي نتائج التربية الأسرية السليمة؟
خلق أسرة ناجحة وبالتالي مجتمع متقدم وناجح، بناء علاقات سوية بين أفراد الأسرة والمجتمع، بالإضافة إلى التعبير عن النفس دون خوف، واتخاذ القرارات الصائبة في المواقف الصعبة، بالإضافة إلى التمتع بأخلاق عالية.
ما هي الصعوبات التي تواجه التربية الأسرية في الوقت الحاضر؟
عدم الاستفادة من أوقات الفراغ في اكتساب مهارات مفيدة، التطور التكنولوجي الذي جعل العالم قرية صغيرة مما أدى إلى دخول ثقافات مختلفة تتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف وتقاليد المجتمع، فيجب على الآباء التعامل مع هذه المؤثرات أثناء تقديم التربية الأسرية للأبناء، وايضا رغبة الأبناء في السيطرة على الآباء.
الخلاصة
تعتبر التربية هي حجر الأساس الذي يساعد في تكوين شخصية قوية ومجتمع مترابط، حيث أن التنشئة السليمة تساعد على تقدم الفرد والمجتمع والتخلص من الأمراض النفسية التي تعيق تقدم ورقي المجتمع، كما تساهم في زيادة المهارات اللغوية والحركية لدى الأبناء، وكذلك المهارات العاطفية، ومن خلال الأسرة يتعرض الطفل لأول نموذج تربوي حيوي في حياته، حيث يساعده في تحسين الأخلاق والسلوكيات الخاصة به حتى يصبح عضو نافع في المجتمع، ومطيع لأوامر الله عز وجل التي فرضها على عباده.
اختصاصية علاج لغة ونطق، ومدربة معتمدة في مجال تقييم وتشخيص وعلاج اضطرابات ومشاكل اللغة والنطق عند الأطفال والبالغين، خبرة 12 سنة في العمل والتدريب.
خريجة كلية الطب المساند قسم السمع والنطق، وحاصلة على العديد من الدورات التدريبة العالمية في مجال علاج وتشخيص اضطرابات ومشاكل الكلام واللغة.
رئيسة قسم علاج اللغة والنطق في القطاع الخاص، ولديها عيادة خاصة، ومدربة معتمدة من الوكالة الأمريكية للتعليم.